مواجهة جديدة.. ردود فعل واسعة على سعي أردوغان لاعتراف دولي بقبرص التركية

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستسعى لضمان اعتراف دولي واسع النطاق بجمهورية قبرص التركية.

وقال أردوغان في كلمة له، اليوم الأربعاء “سنبذل قصارى جهدنا لجعل دولة قبرص التركية تحظى باعتراف واسع النطاق بأسرع ما يمكن”.

وأضاف أردوغان “أصبح المطلب الوحيد للقبارصة الأتراك على طاولة المفاوضات الدولية هو الاعتراف بوضعهم كدولة ذات سيادة”. واستدرك: “أما جميع المقترحات الأخرى فقد فقدت صلاحيتها”.

وعارض كل من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليونان الخطة التي تم الكشف عنها من قبل أردوغان حين زار نيقوسيا، أمس الثلاثاء.

وأكد أردوغان أهمية الزيارة التي أجراها، الإثنين الماضي، إلى قبرص التركية مشيرا أن المطلب الوحيد للقبارصة الأتراك في المفاوضات الدولية هو الاعتراف بوضعهم كدولة ذات سيادة.

وذكر أن القبارصة اليونانيون ارتكبوا جميع أنواع الظلم والقسوة ضد القبارصة الأتراك منذ عام 1963، وأنهم رفضوا جميع المبادرات لحل المشكلة في الجزيرة بما فيها خطة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان عام 2004.

وأضاف أردوغان أن القبارصة اليونانيون هم الذين رفضوا أيضا مفاوضات منتجع كرانس مونتانا السويسري، في يوليو/تموز 2017، وأرادوا ثروات الجزيرة لأنفسهم فقط وأصروا على رؤية القبارصة الأتراك كأقلية.

وقبرص مقسمة بين شمال تركي وجنوب يوناني منذ عام 1974، بعد انقلاب يوناني وتدخل عسكري تركي.

وتعترف تركيا فقط بجمهورية شمال قبرص التركية، بينما جمهورية قبرص عضو بالاتحاد الأوربي منذ عام 2004.

وكان أردوغان قد أكد ضرورة إجراء مفاوضات بين دولتين في جزيرة قبرص، مشيرا أن تركيا مصممة على عدم إشراك أطراف ثالثة.

وقال أردوغان في ختام زيارته لجمهورية قبرص التركية التي استمرت ليومين “حان الوقت لإجراء مفاوضات بين دولتين وليس بين مجتمعين، لهذا السبب نحن مصممون على عدم إشراك أطراف ثالثة بيننا”.

وأكد أن أي عملية مفاوضات جديدة ستنطلق دون ضمان الحقوق المكتسبة للقبارصة الأتراك محكوم عليها بالفشل ولن تعني شيئا سوى مضيعة للوقت.

وأشار أردوغان إلى أن بلاده عرضت على القبارصة اليونانيين في الجزيرة تزويدهم بالمياه، وأضاف “قلنا لهم فلنسمي هذا المشروع نبع السلام لكنهم رفضوا”.

وشدد على أنه لن يكون ممكنا لجنوب قبرص الانضمام إلى “الناتو” ما لم توافق تركيا على ذلك.

فتح فاروشا

وأمس الثلاثاء، قال القبارصة الأتراك إن جزءا من مدينة فاروشا سيخضع للسيطرة المدنية وسيتمكن السكان من استعادة أملاكهم فيه الأمر الذي أثار غضب القبارصة اليونانيين الذين اتهموا منافسيهم القبارصة الأتراك بتدبير استيلاء على الأرض خلسة.

ومدينة فاروشا القبرصية مهجورة منذ أن أسفرت حرب عام 1974 عن تقسيم الجزيرة.

وأعلن زعيم القبارصة الأتراك أرسين تتار مدعوماً من أردوغان بدء “المرحلة الثانية من (خطتنا) لتوسيع فاروشا لإنهاء الحداد”.

وقال أردوغان “الحياة ستُستأنف” في فاروشا.

وتُعدّ إعادة فتح هذا المنتجع الساحلي السابق خطاً أحمر للقبارصة اليونانيين. والمفاوضات بين الطرفين بشأن إعادة توحيد الجزيرة متوقفة منذ 2017.

ردود فعل دولية

بدوره، قال وزير خارجية قبرص نيكوس كريستودوليديس إن بلاده قدمت مناشدة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فيما يتعلق بنقل حق السيطرة على جزء من مدينة فاروشا الساحلية المهجورة في الجزيرة المنقسمة إلى القبارصة الأتراك.

وأضاف كريستودوليديس، الأربعاء، عقب اجتماع مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس “هذا انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وسيكون له أثر سلبي على الجهود الجارية لاستئناف المفاوضات”.

وأضاف “إعلان الأمس من الجانب التركي يهدف إلى خلق أمر واقع جديد للقضاء للأبد على احتمال إعادة توحيد قبرص”.

ومن المتوقع أن يناقش مجلس الأمن ملف قبرص، اليوم الأربعاء، في اجتماع مقرر سلفا.

واشنطن تدين مشروع أردوغان

وأعلنت الولايات المتّحدة، أمس الثلاثاء، إدانتها للمشروع الذي أعلن عنه الرئيس التركي لإعادة فتح فاروشا، مدينة الأشباح الواقعة في شرق قبرص.

وقال وزير الخارجية الأمركي أنتوني بلينكن في بيان إن “الولايات المتّحدة تعتبر ما يقوم به القبارصة الأتراك في فاروشا بدعم من تركيا استفزازياً وغير مقبول ولا يتّفق مع الالتزامات التي قطعوها في الماضي للمشاركة بطريقة بنّاءة في محادثات سلام”.

وأضاف “نحضّ القبارصة الأتراك وتركيا على التراجع عن القرار الذي أعلنوا عنه اليوم وعن جميع الخطوات التي اتّخذت منذ أكتوبر/تشرين أول 2020” في المنتجع السياحي المهجور.

ولفت البيان إلى أن “الولايات المتحدة تعمل مع شركاء يشاطرونها رأيها لإحالة هذا الوضع المقلق إلى مجلس الأمن الدولي، وسنحثّ على استجابة قوية”.

وتابع “نؤكّد على أهمية تجنّب الأعمال الاستفزازية الأحادية الجانب التي تزيد التوتّرات في الجزيرة وتعيق الجهود المبذولة لاستئناف محادثات تسوية قبرص وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي”.

وجدّد الوزير الأمريكي التذكير بموقف الولايات المتّحدة “المؤيّد لتسوية شاملة بقيادة القبارصة لإعادة توحيد الجزيرة في إطار اتّحاد ثنائي المنطقة والطائفة لما فيه خير جميع القبارصة والمنطقة”.

الاتحاد الأوربي يرفض

وأعرب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي جوزيف بوريل عن قلقه العميق، أمس الثلاثاء، إزاء الخطط التركية بخصوص جزيرة قبرص المقسمة، واصفا إياها بأنها غير مقبولة.

وقال بوريل في بيان “يعرب الممثل السامي للاتحاد الأوربي عن قلقه البالغ إزاء التصريحات التي أدلى بها الرئيس التركي طيب أردوغان وأرسين تتار (زعيم القبارصة الأتراك) في 20 يوليو/ تموز2021 بخصوص منطقة فاروشا المحاطة بالأسيجة، والتي تمثل قرارا أحادي الجانب وغير مقبول لتغيير وضع فاروشا”.

وأضاف بوريل “يشدد الاتحاد الأوربي مرة أخرى على ضرورة تجنب الإجراءات الأحادية التي تنتهك القانون الدولي والاستفزازات المتكررة التي يحتمل أن تثير التوتر في الجزيرة وتمثل خطرا يهدد العودة إلى المحادثات حول تسوية شاملة للقضية القبرصية”.

عمل استفزازي

وانتقدت فرنسا، اليوم، إعلان سلطات القبارصة الأتراك إعادة فتح جزئي لمدينة مهجورة من أجل احتمال إعادة توطينها ووصفته بأنه عمل “استفزازي” وذلك في أحدث انتقادات يوجهها الغرب وترفضها أنقرة.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن وزير الخارجية جان إيف لو دريان ناقش الأمر مع نظيره القبرصي، أمس الثلاثاء، وسيثير المسألة في الأمم المتحدة.

وقال المتحدث باسم لو دريان “فرنسا تشعر بالأسف الشديد إزاء هذه الخطوة الأحادية التي لم يجر التشاور بشأنها والتي تمثل استفزازا وتضر بجهود إعادة بناء الثقة المطلوبة للعودة للمحادثات الملحة من أجل التوصل إلى حل عادل ودائم للمسألة القبرصية”.

تعليق مصري

بدورها، أعربت مصر عن عميق القلق إزاء ما تم إعلانه بشأن تغيير وضعية منطقة “فاروشا” بقبرص من خلال العمل على فتحها جزئياً وذلك بما يخالف قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأكدت القاهرة، اليوم، في بيان صحفي صادر عن وزارة الخارجية مطالبتها بضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن في هذا الشأن، وتجنُب أية أعمال أحادية قد تؤدي إلى تعقيد الأوضاع وتُزيد من مقدار التوتر.

شددت على ضرورة الالتزام الكامل بمسار التسوية الشاملة للقضية القبرصية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.

رد تركي

بدورها، قالت وزارة الخارجية التركية إن انتقادات الاتحاد الأوربي “باطلة ولاغية” لأنها لا علاقة لها بالواقع وتأخذ صف اليونان العضو في التكتل.

وأضافت “من غير الممكن أن يلعب الاتحاد الأوربي أي دور إيجابي في التوصل لتسوية للقضية القبرصية”.

وتعثرت مرارا جهود إحلال السلام في الجزيرة المقسمة عرقيا.

وتقول القيادة الجديدة للقبارصة الأتراك المدعومة من تركيا إن التوصل لاتفاق سلام بين دولتين تتمتعان بالسيادة هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق والاستمرار.

ويرفض القبارصة اليونانيون حل الدولتين الذي يمنح السيادة لدولة القبارصة الأتراك في شمال الجزيرة والتي لا تعترف بها سوى أنقرة.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات